أنباء عن سعي واشنطن ولندن لاستجواب علماء مصريين حول البرنامج النووي العراقي عن طريق الأمم المتحدة

السفارة الأميركية بالقاهرة تعتبر الأمر «مجرد استفسار» في ضوء قائمة قدمتها بغداد

القاهرة: جمال شاهين
كشفت مصادر مصرية لـ«الشرق الأوسط» امس ان سفارتي الولايات المتحدة وبريطانيا بالقاهرة والوكالة الدولية للطاقة النووية يسعون لاجراء مفاوضات مع الحكومة المصرية وهيئة الطاقة النووية المصرية من أجل لقاء بعض العلماء المصريين الذين عملوا بالبرنامج النووي العراقي.
وكانت مصادر مطلعة بهيئة الطاقة النووية المصرية قد أكدت وجود «بعض الاستفسارات» من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية حول البرنامج النووي العراقي، خصوصا بعد ان وردت اسماء مجموعة من العلماء المصريين ضمن القائمة التي قدمها العراق حول اسماء العلماء والشركات التي عملت ببرامج الاسلحة العراقية، وورد بها ما يقرب من اسماء 207 شركات عملت بالبرامج البيولوجية، موزعين على 21 دولة والغالبية العظمى منها شركات ألمانية وبريطانية وهندية وفرنسية اضافة الى مئات من اسماء العلماء من هذه الدول.

وأوضحت المصادر ان القائمة المصرية موزعة على فئتين، الأولى عن علماء هيئة الطاقة النووية، وهي القائمة الأسهل نظرا لان اسماءهم مسجلة لدى الوكالة الدولية، بالاضافة الى نوعية العمل والتي غالبا ما كانت ترتكز على الأمان النووي، وهو ما يعني انعدام الصلة بجوهر البرنامج النووي العراقي.

وتعد القائمة الثانية هي الاخطر، لانها تضم اسماء العلماء الذين تعاقد معهم العراق ومنهم الدكتور يحيى المشد من قسم الهندسة النووية بجامعة الاسكندرية، وغالبيتهم من دفعات الكلية في الفترة من 1967 وحتى 1970، وهم من يطلق عليهم تلاميذ الدكتور المشد الذي اغتالته المخابرات الاسرائيلية «الموساد» في باريس في يونيو (حزيران) عام 1980، بالاضافة الى بعض العلماء ممن كانت لهم صلة مباشرة بالرئيس العراقي صدام حسين ذاته، نظرا لاقامته بالقاهرة فترة كبيرة في الخمسينات والتي شهدت اهتماما كبيرا من قبل الرئيس جمال عبدالناصر بالطاقة النووية.

وبعض هؤلاء كانت لهم صلة مباشرة واتصال دائم بالعالم الباكستاني الدكتور عبدالقادر خان المعروف بـ«أبو القنبلة النووية الباكستانية»، واتصالات أخرى بعلماء هنود نظرا للصلة العلمية القوية بين مصر والهند وبعض هؤلاء دعاهم الرئيس العراقي بنفسه الى أول مؤتمر للطاقة النووية عقد ببغداد عام 1975 وأظهر اهتماما كبيرا بعلماء مصريين بشكل خاص لفت أنظار الجميع.

وأضافت المصادر ان بعض تلاميذ المشد من دفعة عام 1967 يعملون بالوكالة الدولية للطاقة النووية الآن، ويعرفون بالضبط زملاءهم الذين عملوا بالعراق، نظرا لصغر حجم خريجي قسم الهندسة النووية بجامعة الاسكندرية، والذين لم يتجاوز عددهم خلال هذه السنوات 40 طالبا.

فضلا عن بعض العلماء الذين يعملون بأهم المعاهد النووية بأميركا، مثل اراجون واوكريدج ويعملون بوظائف مهمة بالمفاعلات النووية هناك، وربما يكون هؤلاء مسؤولين بشكل أو آخر عن استجوابهم.

وأضافت المصادر ان اتفاقا كان يدرس عام 1988 يقضي بتوقيع اتفاق للتعاون بين الوكالة المصرية للطاقة النووية ونظيرتها العراقية، وسافر بعض العلماء المصريين الى هناك إلا ان غزو العراق للكويت عام 1990 حال دون استمرار الاتفاق.

وكشفت مصادر بالسفارة الاميركية بالقاهرة عن ان الاميركيين «مهتمون جدا بمعرفة العديد من الاسماء التي عملت بالعراق». وقالت انهم حصلوا علي اسماء الدفعات التي اشرف عليها الدكتور يحيى المشد من جامعة الاسكندرية، ويقومون بمقارنتها بالاسماء المسجلة بالوكالة، وتلك التي حصلوا عليها عن طريق المباحث الفيدرالية التي استجوبت العديد من العلماء الذين ساهموا في عملية انشاء مباني تابعة لهيئة الطاقة النووية العراقية.

من جانبه أكد فيليب فرين المتحدث الرسمي باسم السفارة الاميركية بالقاهرة ان بلاده مهتمة بالقائمة التي قدمها العراق، وان الأمر لايتجاوز الاستفسار، ولكن عن طريق الأمم المتحدة وليس الولايات المتحدة، وهو فارق جوهري. وأضاف انه شخصيا لايعرف اسماء المصريين الذين قدم العراق اسماءهم، إلا ان الأمر يدخل ضمن ما تحاول الامم المتحدة معرفته حول برامج اسلحة الدمار الشامل العراقية.

وأثارت أنباء سعي واشنطن ولندن استجواب علماء مصريين قيل انهم شاركوا في مشروع البرنامج العراقي النووي حالة من الاستنكار والغضب بين العلماء المصريين العاملين في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ونفى ثلاثة من الرؤساء السابقين لهيئة الطاقة النووية المصرية مشاركة أي عالم مصري في البرامج النووية العراقية، باستثناء العالم المصري الراحل يحيى المشد الذي اغتاله الموساد الاسرائيلي في باريس.

وقال الدكتور محمود بركات الرئيس السابق للهيئة العربية للطاقة النووية (1993 ـ 2001): «ان مثل هذه التسريبات غير مسؤولة، فبالقطع لم يكن هناك ما يمكن أن يسمى ببرنامج سلاح نووي في العراق في السبعينات، لسبب بسيط وهو أنه في ذلك الوقت لم تكن البنية الأساسية للعلوم في العراق بشكل عام والنووية منها بشكل خاص قد اكتملت، من هنا فإن القول بأن هناك علماء مصريين أو غير مصريين شاركوا في البرامج النووية العراقية في السبعينات لاتحمل أية دلالات في هذا الاتجاه، لانه في ذلك الوقت معظم العلميين الذين يتم انتدابهم للعمل بالعراق، كان الهدف من سفرهم هناك دعم التعليم العالي الجامعي في هذا القطر الشقيق، ولم يبدأ ما يسمى ببرنامج عراقي نووي إلا بعد ضرب المفاعل العراقي عام 1981 حينما استباحت اسرائيل ومن معها الأجواء العراقية لضرب المفاعل النووي العراقي الذي كان تحت الانشاء (وهو بالمناسبة مفاعل سلمي) لايصلح لانتاج المواد النووية الخاصة بالأسلحة النووية، وبعد ان تحطم المفاعل العراقي، شعرت كل دولة أنه حدث اعتداء غير مبرر أطاح بثمرة مجهود لمدد طويلة، وبالتالي بدأ التفكير في مشروع نووي يخلق قدرة نووية عراقية يمكن بها ردع اسرائيل من تكرار الاعتداء، ويجب أن نوضح ان كلمة القدرة لاتعني سلاحا بعينه، وإنما تعني العلم والمعرفة وخلق الامكانات والظروف، وما يجب توضيحه (والكلام لايزال للدكتور محمود بركات الرئيس السابق للهيئة العربية للطاقة النووية) هو أن المصريين الذين سافروا للعراق مثل يحيى المشد أي خلال السبعينات نسبة 99.9 بالمائة منهم كانوا في البرنامج التعليمي في الجامعات والمعاهد العليا وما أشبه، ولم يكن ربما سوى المرحوم الدكتور يحيى المشد ضمن المشاركين في إنشاء المفاعل النووي العراقي، وكانت مشاركته بهدف تطوير قدراته العلمية باعتبار ان مصر لم يكن لديها في ذلك الوقت خطط لانشاء مفاعل مشابه، وقد اغتيل المشد في ظروف غامضة في فرنسا عندما كان يجري مباحثات لاستكمال بناء المفاعل العراقي بعد ضربه، وبالتالي فان الحديث عن علماء مصريين شاركوا في البرامج النووية العراقية في السبعينات أو ما بعدها كلام غير دقيق وعار من الصحة ولايوجد ما يتفق معه من الوقائع.

وأضاف الدكتور فوزي حماد الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة النووية المصرية (1990 ـ 1994) قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «من سافروا من المصريين من اساتذة الجامعات الى العراق في السبعينات مثلهم مثل من سافروا الى أي قطر عربي شقيق، كان سفرهم بهدف دعم التعليم في هذه البلدان، والكلام في هذا التوقيت عن علماء مصريين شاركوا في البرامج النووية العراقية بعيد تماما عن الحقيقة والجميع يعرف ان البرامج العراقية النووية تمت ادارتها وتنفيذها بإرادة وعقول عراقية ولم يشارك من مصر سوى المرحوم يحيى المشد الذي اغتيل في فرنسا عام .1980 واتفق الدكتور عبدالحميد زهران الرئيس السابق لهيئة الطاقة النووية المصرية مع ما قاله (بركات وحماد)، وقال فيما عدا المشد استطيع ان اؤكد انه لا يوجد بين العلماء المصريين أو أساتذة الجامعات الذين خرجوا من مصر الى دول العالم بأسره بهدف دعم التعليم الجامعي أو الاستفادة من التطور والتقدم العلمي، من شارك في البرنامج النووي العراقي وربما اختلط الأمر على مفتشي الطاقة النووية، وظنوا ان اساتذة الجامعة الذين قاموا بالتدريس في كليات العلوم والهندسة العراقية كان لهم دور في البرنامج النووي العراقي، وتسريب الأنباء بهذا الخصوص يجب أن نتعامل معه بوعي وحذر لا نضخم منه ولا نتجاهله في نفس الوقت.

مع تحيات منتديات نوردين المتطورة

» إسرائيل تعرض إطلاق سراح أسرى مصريين مقابل جاسوس الموساد
» طريق عمل مربـــــــى الفـــرااااااولـة
» اعرف مكان أي شخص عن طريق رقم الموبايل