بيروت هي العاصمة السياسية للجمهورية اللبنانية وأكبر مدنها. يتعدى عدد سكانها المليوني نسمة بحسب أحد إحصائيات سنة 2007. تقع وسط الخط الساحلي اللبناني شرقي البحر الأبيض المتوسط.
تتركَز فيها معظم المرافق الحيوية من صناعة وتجارة وخدمات. وهي مدينة قديمة وعريقة إذ ذكرت في رسائل تل العمارنة والمؤرخة إلى القرن الخامس عشر ما قبل الميلاد وهي مأهولة منذ ذلك الحين.
بيروت هي مركز الثقل السياسي اللبناني حيث مقر معظم الدوائر السياسية مثل البرلمان ورئاسة الجمهورية بالإضافة لمراكز معظم الوزارات والدوائر الحكومية. تلعب الدور الرئيسي في الحركة الاقتصادية اللبنانية. وتعد المدينة إحدى أهم المؤثرات الثقافية في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي لغناها بالأنشطة الثقافية مثل الصحافة الحرة والمسارح ودور النشر ومعارض الفنون والمتاحف وعدد كبير من الجامعات الدولية.
مرت المدينة بالعديد من الكوارث من زلالزل وحروب على مر التاريخ كان آخرها الحرب الأهلية اللبنانية المدمرة. وبعد انتهاء الحرب سنة 1990، أعادت الدولة في عهد حكومة رئيس وزراء لبنان آنذاك رفيق الحريري إعمار وتأهيل المدينة وبخاصة وسطها التجاري وواجهتها البحرية وملاهيها الليلية مما أعاد تألق سياحتها وجعلها مقصداً سياحياً جذاباً. قامت صحيفة "النيويورك تايمز" بمنح بيروت المركز الأول بين قائمة الأماكن التي ينبغي زيارتها في سنة 2009، كما تم تصنيفها من ضمن المدن العشرة الأوائل الأكثر حيوية في عام 2009 بواسطة دليل لونلي بلانت السياحي.
* أصل التسمية
أول ذكر لاسم بيروت ورد بلفظ "بيروتا" في ألواح تل العمارنة سماها الفنيقيون "بيريت"، وهي كلمة فينيقية تعني الآبار. وقيل أنها كانت تدعى "بيريتيس" أو "بيروتوس" أو "بيرُووَه" نسبة للإلهة "بيروت"، أعز آلهة لبنان وصاحبة أدونيس إله جبيل. وعُرفت المدينة باسم "بيريتوس" باليونانية القديمة: βηρυτόςفي الأدبيات الإغريقية. واعتمد هذا الاسم في دوريات الآثار المنشورة في الجامعة الأميركية في بيروت منذ 1934.
وذكر أن "بيروت" بالمعنى السامي تعني "الصنوبر" لغابات الصنوبر، بسبب وقوعها بالقرب من غابة صنوبر كبيرة هي اليوم ما يُعرف بحرش أو حرج بيروت. ومن الأسماء الأخرى التي دعيت بها منطقة بيروت هو: "لاذقية كنعان"، "مستوطنة جوليا أغسطس بيريتوس السعيدة"، "دربي"، "رديدون"، "باروت". ولقبت المدينة عبر العصور بالعديد من الألقاب منها: سماها الفينيقيون "بالمدينة الإلهة" و"بيروت الأبيّة والمجيدة" لعنادها في مقارعة مدينة "صيدون" و"زهرة الشرق"، وأطلق عليها الرومان "أم الشرائع" بسبب بناء أكبر معهد للقانون بالإمبراطورية فيها.
ونعتها العثمانيون "بالدرة الغالية". في العصر الحديث خلدها نزار قباني بلقب "ست الدنيا". وعرفت أيضا باسم "باريس الشرق" خلال فترة الستينات وأوائل السبعينات من القرن العشرين، أي خلال عهد الازدهار الاقتصادي في لبنان.
* المزار الأول لسنة 2009
ولا ينكر أي شخص حبه للبنان، وعشقه عاصمته بيروت من زيارته الأولى؛ فها هي عادت تثبت لزائريها أنها "باريس الشرق الأوسط، ونجمة ساطعة على البحر الأبيض المتوسط"، حيث استطاعت بعد أن اقترن اسمها بالحرب والدمار البروز في الساحة العالمية السياحية، وعلى الشاشات لتغيير الصورة الشائبة التي سكنتها على مدى سنين طويلة.
هكذا بدأت معي حالة العشق والهيام بعاصمة الشرق بيروت فور وصولي مطار رفيق الحريري، فقد استقبلنا بابتسامات دافئة وإجراءات أكثر من سهلة لنلج إلى بيروت بدهشة تملؤها غبطة وسرور. أصبحت بيروت من جديد عاصمة السياح ورجال الأعمال، واستعادت في وقت قصير حياتها الطبيعية، مرت هذه العاصمة بحقب تاريخية عدة، مروراً بالحضارات الفينيقية والرومانية واليونانية والعثمانية.
وهذا ما لمسته فور خروجي من المطار، حيث استبقت المباني التاريخية البنايات الحديثة في الظهور للوهلة الأولى. وصدق من شبهها بطائر الفينيق الناهض من الرماد نسبة للزلازل والهزات التي ضربتها وطمرت معالمها على مدار السنين، لأنها تنهض بعد كل حرب وتضحى أجمل من سابق عهدها.
في بيروت، تتقطع المسافة الفاصلة بين المطار والمدينة سريعا، فيمتد الطريق على شكل شبه مستقيم، إذ يؤدي وبطريقة شبه مباشرة إلى قلب المدينة، وفي الموقع الأعلى لساحة الشهداء. فمن تلك المنطقة يمكن مشاهدة أولى البنايات التي تتمثل في بناء غريب نوعا ما، ولاتزال تعاني من آثار الحرب، وعند السير أكثر نشعر بانبثاق نوع من العجب ومن السحر، والتي يمكن وصفها بالمستقبلين.
ليس لهذا المكان اسم رسمي بحد ذاته، بل يمكن القول إن له عددا من الأسماء الشبه رسمية منها؛ القبة، الكرة، القطرة، البيضة أو الفطر، حيث يتعلق الأمر بآثار وإطلال قاعة سينما قديمة، أو مسرح قديم، لم يدم مطولا بسبب اندلاع الحرب، إلا أن الأمر لا يحول دون الاعتراف أن الموقع ضخم، وهي عبارة عن نصف كرة متربعة عاليا.
وإذا مررنا بالمدينة سرعان ما نلاحظ ورشة واسعة مفتوحة على مصراعيها؛ فناطحات السحاب في كل مكان، تخرج من الأرض كأنها فطر بري مستحوذ على مواقع البنايات القديمة المهدمة، إذ إن قلب المدينة الذي بني في التسعينات قد صمم انسجاما مع البناء التقليدي المحلي، كمثل الحي الصغير لقرية الصيفي في وسط المدينة الذي صمم بطريقة تضفي على المدينة طابعها الذي يحترم تاريخ المدينة، ولا غرابة في مشاهدة سمك القرش المنحوت من الفولاذ غير القابل للصدأ في ملتقى شارعين تجاريين.
كذلك توجد ساحة البرغوت، وهي تعتبر اكبر مجمع للمقاهي داخل المدينة وهي قريبة جدا، أما بالنسبة للنساء فيوجد عدد كبير من الأسواق واشهرها الحمرا، وكذلك الكسليك، كما توجد أسواق فخمة مثل مجمع "A.B.C" وهو يضم أفخم واشهر الماركات العالمية.
* سكن فاخر
السكن متوفر إما في الفنادق أو الشقق المفروشة الفندقية، وانصح الذين يذهبون لفترة قصيرة بأن يسكنوا في الفنادق التي تقع في منطقة الروشة، حيث انها قريبة أولا من البحر، وثانيا من الأماكن السياحية داخل مدينة بيروت، وهي لا تبعد سوى بضع دقائق عن وسط المدينة، كما يوجد عدد كبير من الفنادق العالمية المشهورة، حيث احتضتنا حفاوة فندق لوغراي في قلب العاصمة بيروت.
أما لمن يبحثون عن الهدوء أنصحهم بأن يذهبوا إلى مقهى الجراند كفيه في الروشه، حيث لا يوجد عدد كبير من الزوار، وهو من أفخم وأرقى المقاهي في لبنان.
وعند التجول في بيروت مساءً سيندهش الزائر بالحفل الموسيقي المنقطع النظير لمزامير السيارات، وعددها وبالابتسامة البريئة للذين تصادفونهم، وكذلك الأحاديث الجميلة باللغة العربية والفرنسية والانجليزية.
من أجمل الأماكن السياحية في لبنان مغارة جعيتا، وهي من عجائب الدنيا، وتنقسم إلى قسمين: المغارة العليا، ويمكن التجول فيها على الأقدام، حيث تم تخصيص ممرات لتمكن السائح من التجول بكل راحة وحرية ليستمتع بمناظرها الخلابة، والتي يعجز وصفها والتعبير عنها.
أما المغارة السفلية فيكون التنقل فيها بواسطة القوارب الصغيرة، وهي معدة خصيصا لذلك لسهولة التنقل فيها، وتعتبر مكملة للمغارة العليا، وانصح كل من يزور لبنان بأن لا تفوت عليه فرصة مشاهدة المغارة، حيث إنها تظم مجموعة من الطوالع والنوازل، وهي عبارة عن أعمدة كلسية، تم تشكيلها خلال مئات السنين. ومغارة جعيتا تضم أطول قطعة نوازل بطول 10.8 سم وهي أطول قطعة في العالم.
* هواء الجبل وعشق المساء
كما يستمتع الشخص في الجبل بهوائه، ويفضل الصعود إليه في فترة الظهيرة عبر التلفريك، حيث تكون درجة الحرارة أقل، والتمتع بوجبة الغداء هناك، وخصوصا في مطعم "منير"، وكذلك لابد من الذهاب إلى قرية برمانة الجبلية، حيث يوجد عدد كبير من المقاهي فيها.
أما وجبة العشاء فالأجمل أن تتجهوا إلى مطعم مانويلا، ويقع على شاطئ خليج جونيه، ويقدم أشهى المأكولات.
ومهما كانت القصص التي تحكي عن لبنان اليوم؛ فإنها تتفق على أمر واحد، وهو أن البلاد باتت محل كل الأمنيات والقابلة للتحقيق والانجاز، لان بيروت تشع من هذه المنطقة، التي تكمن في المدن الكبرى؛ مثل نيويورك ولوس انجلوس وطوكيو أو برلين.